الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فقد تكلمنا في مقال سابق عن الفرق بين شعبان هذا العام وشعبان العام الماضي؟ وذكرنا أنه عام من عمرنا سنجده لا محالة مسطرًا في صحائفنا بما فيه من حسنات وسيئات، ولما كانت الأعمال بالخواتيم، وإذا أحسن العبد فيما بقي غفر له ما مضى، وإن أساء فيما بقي أخذ بما بقي وما مضى، وباب التوبة مفتوح، والخير ممنوح، لما كان ذلك كله فهذه وقفة محاسبة، وجلسة مراجعة مترتبة على كلماتي السابقة، والتي كان الهدف منها التهييج على الإحسان في شعبان، وهنا أقول: ولماذا شعبان؟؟
والإجابة في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رواه النسائي، وحسنه الألباني].
ومن خلال هذا النور المشرق من أنوار النبوة نلخص أسباب الاحتفاء بشعبان كما يلي:
1- أنه زمن غفلة عند كثير من الناس، والاجتهاد في وقت الغفلة ليس كغيره، يقول صلى الله عليه وسلم: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ» [رواه مسلم]، والهرج أي: القتل والفتن واضطراب الأمور، كما أثنى الله على قائمي الليل فسماهم محسنين، لأن الليل وقت نوم وغفلة، ولو صح حديث السوق فإنه يدل على نفس المعنى، لأنه ذكر في أشر البقاع حيث يتسابق الناس إلى الشهوات، ويتنافسوا في تحصيل اللذات، أما الذاكر فيلحظ بقلبه عبوديته لربه، وينطق بذلك لسانه مقرًّا له بالربوبية، ومعترفـًا بالألوهية من خلال ذلك الذكر الوارد في الحديث المشار إليه آنفـًا.
هذا وإن انفراد العبد في زاوية التعبد يكون أشق على النفس فيعظم لذلك الأجر، بخلاف ما يتعاون الناس على فعله، إذ الجماعية على الطاعة كما يكون في رمضان تخفف المشقة، وتيسر العمل على العبّاد، وهكذا الأمر بالنسبة لشعبان، قلّ أن تجد فيه مجتهدًا، فإذا انفرد المرء في درب الإيمان ولم يجد فيه مؤنسًا، ولا على الطاعة معاونـًا فلعل شأنه يكون كشأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين تركوا ديارهم وأموالهم، وفروا بدينهم فعظـَّم الله أجرهم، وخلد ذكرهم ثم طمأن من جاء بعدهم، وسار على دربهم، وتمسك بهديهم بأن له أجر خمسين منهم، والعلة في ذلك أنهم لا يجدون على الخير أعوانـًا، فأبشروا معشر الغرباء بالأجر العظيم، والخير العميم من الرحمن الرحيم.
2- وثاني هذه الأسباب: أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فمن أساء فليستحضر تلك الأعمال وهي ترفع، ومن أحسن فليستحضر ذلك أيضًا، ولكن مع الفرق ثم ها نحن في زمن مهلة، لنحسن ونتبع السيئة الحسنة نرجو محوها، والحسنات يذهبن السيئات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»، أفلا تحب ما أحب الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!
وإذا كان الناس في غفلة عن التعبد في شعبان، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمام خاص به كان لابد لك يا طالب الآخرة من منهج، لإحسان استغلال شهر شعبان.
أول معالم هذا المنهج: الإكثار من الصيام، تقول عائشة رضي الله عنها: «فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» [رواه البخاري ومسلم]، ولمسلم: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً»، وقالت أيضًا: «كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ بَلْ كَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ» [رواه النسائي، وصححه الألباني].
فهذه الأحاديث المباركة تدل كلها على سنة الإكثار من الصيام في شعبان، ولكن لا يصومه كله، لقول عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق: «فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»، إذاً فيحمل ما سواه على أن المراد صيام أكثر شعبان، فاجعل لنفسك نصيبًا، واعلم أن صيام اليوم الواحد يبعدك عن النار سبعين خريفـًا، ويجعل لك في ساحة القيامة ريًا، وبالإضافة إلى ذلك فإن فيه للشباب ضد الشهوات عونـًا، فكم ستصوم من شعبان أيها المحب؟؟
هذا وليس الاقتصار في باب التعبد على الصيام، بل خذ لك نصيبًا من سائر الطاعات والقربات، وأعلاها وأهمها وأحبها إلى الله الفرائض، فاحرص على إحسانها، وحافظ على تكبيرة الإحرام فيها، وأدرك جماعتها، لا سيما الفجر، فإن عبدًا هذا شأنه يسهل عليه المحافظة عليها في رمضان، ثم أتبع الفريضة بما تستطيعه من النافلة، ودرب نفسك على ذلك، حتى لا يصعب عليك في رمضان.
واجعل لنفسك وردًا من القرآن، ولقد قيل كما في لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله: «شعبان شهر القراء»، والذي تدرب على التلاوة في شعبان يزداد حتمًا في رمضان، ويكون فطنـًا للصوارف والعوارض فيكون في رمضان أشد تعاهدًا ممن بدأ التلاوة مع بداية رمضان، فلربما انصرم الشهر وما ختم المصحف ولو مرة واحدة.
ولعل في كثرة التلاوة في شعبان جلاء لما تراكم على القلب من الران فيصبح المحل طيبًا قابلاً لأثر القرآن في رمضان، فيحصل التدبر والانتفاع بالقرآن.
وأيضًا خذ لك بنصيب من القيام، فهو أحب الصلاة إلى الله بعد الفريضة، ومن تدرب في شعبان على نصب الأقدام بين يدي الملك العلام، وعلى دعوات الأسحار، وكثرة الاستغفار، كان على ما يرام في شهر رمضان إن شاء الرحمن.
ثم احرص على الإكثار من ذكر الله عزَّ وجلَّ آناء الليل وآناء النهار، سيما الأذكار الموظفة، واملأ وقتك بالاستغفار والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم، ليتعود لسانك على ذلك في شعبان، فيرقى إلى الأحسن منه في رمضان، وينأى عن اللغو والعصيان.
ومع الاجتهاد في الطاعات احذر النسافات، فاحفظ أعمالك من الرياء والسمعة والعجب، واجتنب المحرمات، ودرب نفسك على الصيانة والحشمة نحو الحرمات والشعائر، فإن ذلك أعون للعبد على تحصيل التقوى في رمضان، وإذا كنا في زمن ترفع فيه الأعمال فإنَّ أعظم وظيفة لنا جميعًا عصاة وطائعون تجديد التوبة وتجويدها، والتحلي بسائر أنواع القربات، والتخلي عن أعمال العصيان، تمهيدًا لنكون على أفضل حالة في شهر الرحمة والمغفرة، شهر رمضان.
وبعد، أحبتي في الله ليكن اجتهادنا في شعبان تدريبًا لنا على الإحسان في رمضان، فكما يقول ابن رجب رحمه الله: «لئلا يدخل العبد في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط» اهـ، وكأن صيام شعبان كالسنة القبلية لرمضان، وصيام الست من شوال كالبعدية لإصلاح ما تخرق بالعصيان في رمضان.
يقول الشاطبي رحمه الله: «السنن والنوافل بمثابة التوطئة وإعداد النفس للدخول في الفريضة على الوجه الأكمل» اهـ.
وأخيرًا: هذا تحذير، نعم تحذير للمتهاونين بشعبان.
الذين تكاسلوا عن العمل الصالح فيه، فعاد ذلك بالتهاون في رمضان، فكانت الشكوى من الخسران، لماذا؟ لأنهم لم يتهيئوا بالعمل الصالح للإحسان في رمضان، ولو أن هؤلاء كانت لهم قبل رمضان جولات في ميادين الاجتهاد في الطاعة، لأنِسوا من نفوسهم خيرًا، لكنهم طمعوا في نوال القرب ولما يستكملوا زاد المسيرة، مثلهم كمثل من ذهب إلى السوق بلا مال فلا يجهد نفسه في المساومة، بل يقال له: «تنكب لا يقطرك الزحام».
واعلم أخي أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وأن من قدم خيرًا حصد خيرًا، فكن مما ذكرت لك على ذكر، وخذ الأمر بجد، فلعلك لا تعيش إلى قابل {وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} [الأعراف:185]، وإنك لتعلم إخوانـًا لك صاروا الآن تحت الثرى، بعد أن كانوا معنا عام أول، وأنت مازلت في زمن المهلة، فتجهز لآخرتك، واحذر الغفلة، واقتد بنبيك صلى الله عليه وسلم في الاحتفاء بشعبان.
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يبلغنا رمضان، ويجعلنا من عتقائه من النيران، آمين.
فقد تكلمنا في مقال سابق عن الفرق بين شعبان هذا العام وشعبان العام الماضي؟ وذكرنا أنه عام من عمرنا سنجده لا محالة مسطرًا في صحائفنا بما فيه من حسنات وسيئات، ولما كانت الأعمال بالخواتيم، وإذا أحسن العبد فيما بقي غفر له ما مضى، وإن أساء فيما بقي أخذ بما بقي وما مضى، وباب التوبة مفتوح، والخير ممنوح، لما كان ذلك كله فهذه وقفة محاسبة، وجلسة مراجعة مترتبة على كلماتي السابقة، والتي كان الهدف منها التهييج على الإحسان في شعبان، وهنا أقول: ولماذا شعبان؟؟
والإجابة في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رواه النسائي، وحسنه الألباني].
ومن خلال هذا النور المشرق من أنوار النبوة نلخص أسباب الاحتفاء بشعبان كما يلي:
1- أنه زمن غفلة عند كثير من الناس، والاجتهاد في وقت الغفلة ليس كغيره، يقول صلى الله عليه وسلم: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ» [رواه مسلم]، والهرج أي: القتل والفتن واضطراب الأمور، كما أثنى الله على قائمي الليل فسماهم محسنين، لأن الليل وقت نوم وغفلة، ولو صح حديث السوق فإنه يدل على نفس المعنى، لأنه ذكر في أشر البقاع حيث يتسابق الناس إلى الشهوات، ويتنافسوا في تحصيل اللذات، أما الذاكر فيلحظ بقلبه عبوديته لربه، وينطق بذلك لسانه مقرًّا له بالربوبية، ومعترفـًا بالألوهية من خلال ذلك الذكر الوارد في الحديث المشار إليه آنفـًا.
هذا وإن انفراد العبد في زاوية التعبد يكون أشق على النفس فيعظم لذلك الأجر، بخلاف ما يتعاون الناس على فعله، إذ الجماعية على الطاعة كما يكون في رمضان تخفف المشقة، وتيسر العمل على العبّاد، وهكذا الأمر بالنسبة لشعبان، قلّ أن تجد فيه مجتهدًا، فإذا انفرد المرء في درب الإيمان ولم يجد فيه مؤنسًا، ولا على الطاعة معاونـًا فلعل شأنه يكون كشأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين تركوا ديارهم وأموالهم، وفروا بدينهم فعظـَّم الله أجرهم، وخلد ذكرهم ثم طمأن من جاء بعدهم، وسار على دربهم، وتمسك بهديهم بأن له أجر خمسين منهم، والعلة في ذلك أنهم لا يجدون على الخير أعوانـًا، فأبشروا معشر الغرباء بالأجر العظيم، والخير العميم من الرحمن الرحيم.
2- وثاني هذه الأسباب: أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فمن أساء فليستحضر تلك الأعمال وهي ترفع، ومن أحسن فليستحضر ذلك أيضًا، ولكن مع الفرق ثم ها نحن في زمن مهلة، لنحسن ونتبع السيئة الحسنة نرجو محوها، والحسنات يذهبن السيئات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»، أفلا تحب ما أحب الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!
وإذا كان الناس في غفلة عن التعبد في شعبان، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمام خاص به كان لابد لك يا طالب الآخرة من منهج، لإحسان استغلال شهر شعبان.
أول معالم هذا المنهج: الإكثار من الصيام، تقول عائشة رضي الله عنها: «فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» [رواه البخاري ومسلم]، ولمسلم: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً»، وقالت أيضًا: «كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ بَلْ كَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ» [رواه النسائي، وصححه الألباني].
فهذه الأحاديث المباركة تدل كلها على سنة الإكثار من الصيام في شعبان، ولكن لا يصومه كله، لقول عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق: «فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»، إذاً فيحمل ما سواه على أن المراد صيام أكثر شعبان، فاجعل لنفسك نصيبًا، واعلم أن صيام اليوم الواحد يبعدك عن النار سبعين خريفـًا، ويجعل لك في ساحة القيامة ريًا، وبالإضافة إلى ذلك فإن فيه للشباب ضد الشهوات عونـًا، فكم ستصوم من شعبان أيها المحب؟؟
هذا وليس الاقتصار في باب التعبد على الصيام، بل خذ لك نصيبًا من سائر الطاعات والقربات، وأعلاها وأهمها وأحبها إلى الله الفرائض، فاحرص على إحسانها، وحافظ على تكبيرة الإحرام فيها، وأدرك جماعتها، لا سيما الفجر، فإن عبدًا هذا شأنه يسهل عليه المحافظة عليها في رمضان، ثم أتبع الفريضة بما تستطيعه من النافلة، ودرب نفسك على ذلك، حتى لا يصعب عليك في رمضان.
واجعل لنفسك وردًا من القرآن، ولقد قيل كما في لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله: «شعبان شهر القراء»، والذي تدرب على التلاوة في شعبان يزداد حتمًا في رمضان، ويكون فطنـًا للصوارف والعوارض فيكون في رمضان أشد تعاهدًا ممن بدأ التلاوة مع بداية رمضان، فلربما انصرم الشهر وما ختم المصحف ولو مرة واحدة.
ولعل في كثرة التلاوة في شعبان جلاء لما تراكم على القلب من الران فيصبح المحل طيبًا قابلاً لأثر القرآن في رمضان، فيحصل التدبر والانتفاع بالقرآن.
وأيضًا خذ لك بنصيب من القيام، فهو أحب الصلاة إلى الله بعد الفريضة، ومن تدرب في شعبان على نصب الأقدام بين يدي الملك العلام، وعلى دعوات الأسحار، وكثرة الاستغفار، كان على ما يرام في شهر رمضان إن شاء الرحمن.
ثم احرص على الإكثار من ذكر الله عزَّ وجلَّ آناء الليل وآناء النهار، سيما الأذكار الموظفة، واملأ وقتك بالاستغفار والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم، ليتعود لسانك على ذلك في شعبان، فيرقى إلى الأحسن منه في رمضان، وينأى عن اللغو والعصيان.
ومع الاجتهاد في الطاعات احذر النسافات، فاحفظ أعمالك من الرياء والسمعة والعجب، واجتنب المحرمات، ودرب نفسك على الصيانة والحشمة نحو الحرمات والشعائر، فإن ذلك أعون للعبد على تحصيل التقوى في رمضان، وإذا كنا في زمن ترفع فيه الأعمال فإنَّ أعظم وظيفة لنا جميعًا عصاة وطائعون تجديد التوبة وتجويدها، والتحلي بسائر أنواع القربات، والتخلي عن أعمال العصيان، تمهيدًا لنكون على أفضل حالة في شهر الرحمة والمغفرة، شهر رمضان.
وبعد، أحبتي في الله ليكن اجتهادنا في شعبان تدريبًا لنا على الإحسان في رمضان، فكما يقول ابن رجب رحمه الله: «لئلا يدخل العبد في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط» اهـ، وكأن صيام شعبان كالسنة القبلية لرمضان، وصيام الست من شوال كالبعدية لإصلاح ما تخرق بالعصيان في رمضان.
يقول الشاطبي رحمه الله: «السنن والنوافل بمثابة التوطئة وإعداد النفس للدخول في الفريضة على الوجه الأكمل» اهـ.
وأخيرًا: هذا تحذير، نعم تحذير للمتهاونين بشعبان.
الذين تكاسلوا عن العمل الصالح فيه، فعاد ذلك بالتهاون في رمضان، فكانت الشكوى من الخسران، لماذا؟ لأنهم لم يتهيئوا بالعمل الصالح للإحسان في رمضان، ولو أن هؤلاء كانت لهم قبل رمضان جولات في ميادين الاجتهاد في الطاعة، لأنِسوا من نفوسهم خيرًا، لكنهم طمعوا في نوال القرب ولما يستكملوا زاد المسيرة، مثلهم كمثل من ذهب إلى السوق بلا مال فلا يجهد نفسه في المساومة، بل يقال له: «تنكب لا يقطرك الزحام».
واعلم أخي أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وأن من قدم خيرًا حصد خيرًا، فكن مما ذكرت لك على ذكر، وخذ الأمر بجد، فلعلك لا تعيش إلى قابل {وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} [الأعراف:185]، وإنك لتعلم إخوانـًا لك صاروا الآن تحت الثرى، بعد أن كانوا معنا عام أول، وأنت مازلت في زمن المهلة، فتجهز لآخرتك، واحذر الغفلة، واقتد بنبيك صلى الله عليه وسلم في الاحتفاء بشعبان.
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يبلغنا رمضان، ويجعلنا من عتقائه من النيران، آمين.
الثلاثاء أغسطس 27, 2013 10:10 am من طرف سوس
» طريقه وضع توقيع فلاش
الجمعة يوليو 05, 2013 11:57 am من طرف fidou
» صيام ثلاثة أيام= صيام السنة كلها
الجمعة يوليو 05, 2013 10:56 am من طرف fidou
» ولا ذبابة.. !
الجمعة يوليو 05, 2013 10:52 am من طرف fidou
» يستحق الحب .. إنه نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم
الجمعة يوليو 05, 2013 10:51 am من طرف fidou
» محفظ ٌ قرآن معتمد أونلاين
الجمعة يوليو 05, 2013 10:47 am من طرف fidou
» فضائل شهر رمضان
الجمعة يوليو 05, 2013 10:26 am من طرف fidou
» هل تريد النصر؟
الإثنين سبتمبر 10, 2012 8:40 pm من طرف أم محمود
» إجازة معتمده فى القراءات العشر عبر النت
الجمعة يونيو 29, 2012 12:03 am من طرف إجازه معتمده اونلاين
» اسرع إجازة عبر الإنترنت فى شهر متصلة السند بالرسول
الخميس يونيو 28, 2012 11:40 pm من طرف إجازه معتمده اونلاين
» منتديات دروبي عالمي الأسلأمي الدعوية اريد ان ادعوكم للمنتدايhttp://rfiaaildilrarb.7olm.org/
الإثنين يونيو 25, 2012 3:29 am من طرف ناصر السنة
» .~* وَسَقَطَت وَرِقه مَن شَجَرَة الْعُمُر *~.
الثلاثاء يونيو 19, 2012 10:09 pm من طرف •°حہيآئيٌ آآيہُمانيً°•
» !الأب مشغول..والأم فى الأسواق!
الثلاثاء يونيو 19, 2012 9:53 pm من طرف •°حہيآئيٌ آآيہُمانيً°•
» ...حب دينك سبب ثباتك عليه...
الثلاثاء يونيو 19, 2012 9:28 pm من طرف •°حہيآئيٌ آآيہُمانيً°•
» حاسـوبي الأفضـل بين الحواسيب
الثلاثاء يونيو 19, 2012 9:03 pm من طرف •°حہيآئيٌ آآيہُمانيً°•
» ! رساله الى أصحاب الوجوه العابسه !
الثلاثاء يونيو 19, 2012 8:52 pm من طرف •°حہيآئيٌ آآيہُمانيً°•
» صيام الأيام البيض لشهر رجب 1433
الجمعة يونيو 01, 2012 3:16 pm من طرف انور ابو البصل
» صيام الأيام البيض لشهر جمادى الاخرة 1433
الخميس مايو 03, 2012 3:49 am من طرف انور ابو البصل
» صيام الأيام البيض لهذا الشهر ربيع الثاني 1433
الإثنين مارس 05, 2012 3:20 pm من طرف انور ابو البصل
» صيام الأيام البيض لشهر ربيع الأول 1433
السبت فبراير 04, 2012 2:16 pm من طرف انور ابو البصل
» حلول قساوة القلوب
السبت يناير 28, 2012 1:29 pm من طرف انور ابو البصل
» لمن يريد دعوة شخص أجنبي للإسلام
السبت يناير 28, 2012 1:56 am من طرف الكعبة روحى
» علاج السرحان في الصلاة
السبت يناير 14, 2012 7:08 pm من طرف wegdan
» اسماء وصفات الله عز وجل
الخميس يناير 12, 2012 3:30 pm من طرف ا.عمرو
» اجعل الله همك يكفك ما اهمك
الخميس يناير 12, 2012 1:49 pm من طرف wegdan
» روائع الكلام
الخميس يناير 12, 2012 12:18 am من طرف ا.عمرو
» العبرة بالنهاية
الأربعاء يناير 11, 2012 7:06 pm من طرف ابومحمودعماد محمود
» مخطط جورج سوروس الذي يدافع عنه البرادعي لاختطاف الثورة المصرية
السبت يناير 07, 2012 9:27 am من طرف ا.عمرو