حوار مع النفس

بسم الله الرحمن الرحيم
الجهل هو مدخل من مداخل الشيطان ولا نبالغ إذا قلنا بأن كل مداخل الشيطان منه تبدأ وعليه تعتمد ، لأن الجاهل لا يعرف مداخل الشيطان فيسدها ولا مكائده فيبطلها ولا شباكه فيتجنبها ، لذلك يجتذبه الشيطان بسهولة ويتغلب عليه بأدنى حيلة .
كما أن الجاهل لايعرف الخير من الشر ، ولا السُنة من البدعة ، فربما أوقعه في الشر وهو يحسب أنه خير وربما أوقعه في البدعة وهو يظن أنها سُنة وبهذا يكون من الخاسرين . قال تعالى : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً (103 ) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } ( سورة الكهف )
الجهل يطمس القلب ويعمي البصيرة ويصد عن طلب العلم .
في الجهلِ قبل الموتِ موتٌ لأهلهِ
فأجسامُهُم قبل القُبُورِ قُبُورُ
وإن امرؤٌ لم يحيَ بالعلم ميتٌ
فليس له حتى النُشُورِ نُشُورُ
قد قيل لئن تموت طالباً للعلم ، خير من أن تعيش قانعاً بالجهل .
إخوتي الكرام حال لسان الأمة اليوم إن وُجد من الجاهل رغبة في العلم قيل له : ( إن تعلمت العلم ولم تعمل به كان حجة عليك ، فأجمل بك أن لا تتعلمه لكي تخفَ مؤنتك ويقوى عذرك ، وما علم المسكين أن العلم هو الذي يزيح عنه تلك المحن ويكشف عنه تلك الظُلَم ، فهو المرشد والمعين ، كما قال أحد العلماء : " طلبنا العلم لغير الله ، فأبى أن يكون العلم إلا لله ") .
وقال رجل لأبي هريرة : " أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه فقال : كفى بترك العلم إضاعة "
ومن العجب أن الشيطان يخيل لبعض الجُهال أنه عالم ، وهذا منتهى التلبيس وقمة الغرور .
وقد قسم الخليل بن أحمد العلم إلى أربعة أقسام فقال : {{ الرجال أربعة : رجل يدري ويدري أنه يدري ... فذلك عالم فسألوه ، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري ... فذلك ناسٍ فذكروه ، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري ... فذلك مسترشد فعلموه ، ورجل لايدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه .
قال أبو القاسم الآمدي :
إذا كنت لا تدري ولم تكُ بالذي يُسائلُ من يدري فكيف إذاً تدري
جهِلت ولم تعلم بأنك جاهلٌ فمن لي بأن تدري بأنك لا تدري
إذا جئت من كل الإمور بِغُمة فكن هكذا أرضاً يدسك الذي يدري
ومن أعجب الأشياء أنك لاتدري وأنك لا تدري بأنك لا تدري
أخوتي الكرام مداخل الشيطان على الجاهل كثيرة لا نستطيع إحصائها ويكفيك أن تعرف أن كل المداخل تتفرع من مدخل الجهل أعاذنا الله وإياكم أن نكون من الجاهلين .